Tuesday, August 26, 2014

ماليزيا والإصلاح الفكري


عانت ماليزيا لأعوام مديدة من الاستعمار الذي نهب خيراتها وعزّز في أبنائها الجهل والتخلّف.فقد خضعت لوطأة الاستعمار الغربي لمدة خمسمائة عام، فابتدأ بالاستعمار البرتغالي (1957 م -م1511) تقريباً من (1511م-1641م) ,ثم الهولندي (1641م-1824م)، ثم البريطاني ( 1824م-1957م).

لقد كانت بداية حراك المجتمع الماليزي نحو النهضة في ظهور حركات التجديد والإصلاح الديني بعد أن اختلّت عقائد الناس وانتشر بينهم الجهل والخرافة.

لَمسَ ذلك الخلل الفكري العميق ثلَّة من المصلحون المخلصون فبدأوا بعميلة الإصلاح وتقويم عقائد الناس ونشر الوعي الديني بين الأفراد عن طريق إنشاء المساجد والمدارس، وبذلك برزت عدة شخصيات دينية قيادية أعادة الدماء لحياة الشعب الماليزي ,من خلال إيقاظ الوعي بالقضايا الدينية .

أي أن بناء الحضارة الماليزية تأسّس على تغيير عالم الأفكار أولاً لدى الأفراد بنشر العلم الديني السليم، والاستفادة من تجارب البلاد الإسلامية التي سبقتها في هذا النهج، كما أن حركة التغيير الفكري لم تقتصر على إصلاح العقائد بل أيضاً دعت إلى الاجتهاد والتجديد الفقهي حسب مقتضيات العصر واحتياجات المجتمع بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية .

حضارة متوثّبة:
هكذا تم تحريك الأفراد فكرياً فنتج عن ذلك الحراك الفكري المتحرّر من عبودية الجهل والتقليد ,حراك سياسي يسعى  للحرية والتخلّص من الاستعمار عن طريق  تكاتُف جهود منظمات عَمِلَت على تحرير البلاد من الاستقلال وعودة ثروات الأرض لأبنائها بقيادة أشخاص أدركوا قيمة الحرية، وبعد نضال مضنٍ وطويل حصلت ماليزيا على الاستقلال من الاستعمار البريطاني عام 1957م، وهكذا نشأت دولة ماليزيا مستقلة، عندما ارتقى عالم أفكارها لمستوى القضية مما انعكس على عالم الأشخاص والأشياء.
 
ومن المعروف أن الدول التي وقعت في قبضة الاستعمار تجد نفسها بعد خروج الاستعمار صفراً ..تعاني الفقر والتخلّف الاقتصادي، وهذا مادفع  الحكومة إلى الإسراع في دفع عجلة التنمية الشاملة، بوضع خطة استراتيجية لتطوير البلاد اجتماعياً واقتصادياً وفي فترة زمنية محددة م...1970 وكانت مدتها عشرون عاماً من عام.

ماليزيا نموذج يُحتذى به:
إن النهضة التي قادها مهاتير محمد ,تحرّك لها المجتمع بأسره كباراً وصغاراً مسلماً وبوذياً، للقيام بعميلة التنمية والتغيير لتصبح ماليزيا في مصاف الدول المتقدمة كدولة إسلامية،  بدءاً بإنشاء بنية اجتماعية مستقرّة تحقّق المساواة والعدل والحرية على أساس التجانس بين العرقيات والأديان المختلفة، ورفع الدخل السنوي لكل فرد، مروراً بالتعليم والزراعة والصناعة وكافة المجالات حتى باتت ماليزيا قبلةً لطلاب العلم من أبناء العرب والمسلمين، بالإضافة إلى المظهر الحضاري الذي تتمتع به ماليزيا من عمران ومدنية حديثة بنبض يحمل نور الإسلام، إلى  جانب المصانع التي تنتج صناعات حديثة بمواصفات دولية  .

ومازالت ماليزيا مستمرّة في خطتها الشاملة نحو التنمية والتقدّم.

فالتجربة الماليزية في التنمية والتطوير نموذج يستحق النظر والدراسة كونها دولة إسلامية بنت حضارتها في العصر الحديث، وأثبتت قوتها ووجودها بين الأمم.


No comments: