Tuesday, June 11, 2013

أسلوب الترجمة: التكافؤ (Equivalence)


التكافؤ (Equivalence)

يقصد بالتكافؤ استبدال التعبيرات الخاصة المألوفة في اللغة المصدر بتعبيرات مكافئة لها في الاستخدام ومستساغة في اللغة الهدف؛ إذ يمكن أن تتفق اللغتان، المصدر والهدف، في تصوير حالة ما للتعبير عن واقع واحد، ولكن باستخدام وسائل أسلوبية وتركيبية مختلفة. وغالباً ما يكون التكافؤ ذا طبيعة ترابطية اتحادية (syntagmatic nature) تشمل كل الرسالة؛ ولذلك تشكل أغلب التكافؤات صيغاً ثابتة، وتؤلف تعابير اصطلاحية كالحكم والأمثال.

وتُعَدُّ ترجمة الأمثال والحكم مجالاً مثالياً للتكافؤ. فنيومارك يؤكد على أن الأمثال والحكم لا يمكن ترجمتها حرفياً؛ بل يجب مكافأتها باستبدالها أو التعويض عنها بمثل آخر مستقل في اللغة الهدف يؤدي الوظيفة نفسها التي يؤديها المثل الأصلي في اللغة المصدر. وعلى هذا الأساس، فترجمة الأمثال لا تعني بالتركيب اللغوي والمعجمي للمفردات بقدر ما تعني بالمعنى الوظيفي لهذه الأمثال. فلا يشترط وجود ارتباط بين العناصر التركيبية أو الصورة الإيحائية بين المثل وترجمته؛ وذلك لأن الصور في الأمثال عادة ما تكون صوراً ثقافية مستوحاة من بيئة متكلميها. مثل ذلك.

1) سبق السيف العذل
المكافئ الملايوي: Nasi telah menjadi bubur
بمعنى (أصبح الأرزُ حساءً أو شربة)

شرح المثل:
1.  يضرب للتعبير عن عدم جدوى الندم بعد فوات الأوان.
2.  ( يضرب لمن يتعجل في عمل ما ثم يتضح خطؤه فيندم عليه ). وأصله أن رجلاً وثبَ على رجل فقتله يظنُّه قاتل أبيه، ثم اتضح له أن القتيل بريء فندم، ولما عذله الناس في ذلك ( أي لاموه ) قال : سبق السيف العذل.
3.  نرى أن المثل العربي يحمل صورة السيف ورائحة القتل والثأر، وهي صور اعتاد عليها من عاش في الفيافي والصحاري يصارع الخوف والموت من أجل لبقاء. أما المثل الملايوي فقد اختلفت صورته تماما، حيث جاء في شكل أرز تحول من شكله المتماسك الجميل إلى سائل ذابت صلابته، وخارت قواه.

2) لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ
المكافئ الملايوي: Pisang tidak berbuah dua kali
بمعنى (شجرة الموز لا تثمر مرتين)
يحمل المثل العربي صورة أفعى مختبئة في جحرها بين الصخور تنتظر فريستها. أما صورة المثل الملايوي فتشرح لنا أهم خصائص شجرة الموز، وهي أنها تثمر مرة واحدة فقط.

شرح المثل:
1.  ( لَا يُلْدَغ ) هَذَا لَفْظه خَبَر وَمَعْنَاهُ أَمْر، أَيْ لِيَكُنْ الْمُؤْمِن حَازِمًا حَذِرًا لَا يُؤْتَى مِنْ نَاحِيَة الْغَفْلَة فَيُخْدَع مَرَّة بَعْد أُخْرَى، وَقَدْ يَكُون ذَلِكَ فِي أَمْر الدِّين كَمَا يَكُون فِي أَمْر الدُّنْيَا وَهُوَ أَوْلَاهُمَا بِالْحَذَرِ.

2.  يضرب للتنبيه من عدم الوقوع مرتين في الخطأ نفسه. ويحمل المثل العربي صورة أفعى مختبئة في جحرها بين الصخور تنتظر فريستها. أما صورة مثل الملايوي فتشرح لنا أهم خصائص شجرة الموز، وهي أنها تثمر مرة واحدة فقط.
3.  على المؤمن أن يكون حذراً في أموره، فلا يمكن أحداً أن يخدعه مرتين؛ فإذا خدعه إنسان مرة وأوقعه في أمر يسوؤه فعليه  أن يحذر منه حتى لا يخدعه مرة أخرى، ويدخل في ذلك ما فيه ضرر ديني و ما فيه ضرر دنيوي.
4.  أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ نَالَهُ الضَّرَر مِنْ جِهَة أَنْ يَتَجَنَّبهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا ثَانِيَة.

ونظراً لأن أسلوب التكافؤ يقوم على تغيير في وجهة النظر بين اللغتين المصدر والهدف، وهو مبدأ التطويع نفسه تقريباً، ذهب البعض إلى ربط أسلوب التكافؤ بأسلوب التطويع. فالتكافؤ من هذا المنطلق عبارة عن تطويع مطول في بنية الجملة، أو بمعنى آخر هو جملة من التطويعات المتراكبة، تحدث تأثيراً إجمالياً بعيداً كل البعد عن النص الأصلي من الناحية اللغوية الدلالية والتركيبية. فالتكافؤ هو المرحلة التي يتخطى فيها الفكر الكلمة بمراحل كبيرة.